ملاحظة عن القطعة
من المثير للاهتمام، أنه يمكن العثور على مثال دقيق تقريباً لهذا الصدار (غليلة) الجزائرية في مجموعة متحف الفن والتاريخ اليهودي.
تاريخ القطعة
اشترت د. ريم طارق المتولي هذه الصدارة أو الصدرية من بائع أنتيكا، كان يعرضها من خلال حسابه في أنستغرام. لكن د. ريم لم تجد حتى الآن مكملات الزي المصور في الصورة المصاحبة لضمها إلى مجموعة زيّ.
ميزات القطعة
إن جذر مصطلح (غليلة) مشتق من الكلمة العربية (غلالة) التي تشير بشكل عام إلى الملابس الداخلية التي يرتديها رجال أو نساء الطبقات الاجتماعية المختلفة والأطياف الدينية، وتوحدهم عبر الاختلافات العرقية والدينية.
صنعت هذه السترة أو الصدرية الجزائرية (غليلة) في القرن التاسع عشر، من الحرير المطرز باللونين الأبيض والذهبي بأشكال النباتات، وتتميز بزخارف نباتية متكررة بالذهب عبر كامل النسيج، وخط مزخرف يدوياً على نطاق واسع يتكون من ضفائر من خيوط ذهبية (فاتلة) مثبتة بالنسيج الأساسي. تكون خيوط التطريز المعدنية عادة من الذهب أو الفضة، يتم الحصول عليها من صائغي الفضة اليهود الحرفيين المحليين، الذين من المحتمل أن يكونوا قد استقروا في المغرب العربي مع الهجرة الجماعية من الأندلس بعد سقوط غرناطة، آخر مدينة يسيطر عليها المسلمون في جنوب إسبانيا، في عام 1492.
هذه السترة بلا أكمام ، مفتوحة من الأمام بخط عنق دائري كبير، وتغلق بزرين مضفرين صغيرين من خيط ذهبي. لها شق جيب عند الخصر على الجانب الأيمن، ومبطنة بالكامل بالحرير الأبيض.
يتم تقوية حواف خط العنق وفتحات الأذرع من الداخل بشريط قطني منسوج بينما يتم تطويق فتحات الأذرع من الخارج بزخارف من خيوط ذهبية (فاتلة). يحد الأكمام القصيرة صفان من الزخرفة بطول الكتف وخط واحد يجتاز الكتفين ويستمر على طول الإطار المفتوح بالكامل حول النير أو خط العنق. هذه الميزة ليست فقط زينة ولكنها أيضاً وسيلة لإخفاء وتقوية غرزات السترة.
خط العنق محاط بـ 8 أزرار من خيوط الذهب المضفرة على كل جانب. بينما تم التزيين على مستوى الصدر – على كلا الجانبين – بزخارف من خيوط ذهبية مملوءة بالترتر، بشكل بيضوي مثلث ممدود يُعرف باسم “العين الشريرة”.
العين الشريرة رمزاً للحماية في العالم العربي منذ العصور القديمة، ويتدرج شكلها من المثلث إلى البيضوي. على الرغم من أن العين الشريرة ليست مقتصرة على قانون ديني واحد، فقد تم دمجها في المعتقدات والممارسات اليهودية والمسلمة، وبالتالي حافظت على أهميتها داخل شمال إفريقيا والعالم العربي على مر القرون. في حين أن استمرار هذا النموذج في القرن التاسع عشر يشير إلى تأكيده على أنماط الخياطة المحلية والدلالات الثقافية التي تنطوي على الاختلافات الاقتصادية داخل المجتمع الجزائري، حيث تباينت جودة وشكل الزخارف المثلثية المطرزة بناءً على المكانة الاقتصادية والاجتماعية لمرتديها.
على النقيض من النسيج الخارجي الأكثر فخامة، فإن البطانة الداخلية عادةً – ولكن ليس في هذا المثال – تتكون من أقمشة قطن رخيصة مطبوعة أو كاليكو. نشأت الأقمشة المنسوجة والمطبوعة بالكتل في الهند وتم تصديرها إلى أوروبا بدءًا من عام 1600، وأصبحت لباساً عصرياً في أوروبا بحلول منتصف القرن السابع عشر.
يمكن لنساء النخبة شراء القفاطين والغليلة المزينة بكثافة والتي يرتدينها للاستخدام اليومي، بينما النساء الأقل ثراءً امتلكن ملابس أقل تزيناً وغالباً تخصص للمناسبات الاحتفالية.
المزيد من التفاصيل
تشكل ندرة الوثائق قبل فترة الاستعمار الفرنسي في الجزائر عقبة أمام إعادة بناء التحول الزمني لزي المرأة. ومع ذلك، فإن أحد أقدم النصوص الغربية التي علقت على اللباس في الجزائر هو الراهب الإسباني دييغو دي هايدو نُشر في (1612) ، الملاحظات المسجلة للمجتمع في الجزائر العاصمة من 1578 إلى 1581.
خلال ذلك الوقت، توصف الغليلة بأنها صدرية من الساتان أو المخمل أو الدامسكو، تصل حتى منتصف الساق وتتميز بخط عنق عريض فوق الصدر مباشرة بأزرار كبيرة من الذهب أو الفضة. يمكن أن تكون السترة بلا أكمام أو بأكمام تصل لمستوى الكوع. في أوقات معينة، يرتبط المصطلح مباشرة بوظيفة الصدرية كدعم لصدر المرأة، وعادة ما يتم ارتداؤها فوق قميص داخلي بأكمام شفافة، إلى جانب سروال طويل بشكل البالون (سروال مدور) والمعروف أيضاً باسم (سروال شلقة)، وكلها مخفية تحت رداء (حايك) شامل للجسم عند الخروج في الأماكن العامة.
على الرغم من حلول القرن التاسع عشر، كانت السترة أو الصدرية بمثابة قطعة ملابس يومية شائعة لغالبية النساء الجزائريات. وفقاً للمؤلفة ليلى بلقايد يُعتقد أن هذا الثوب نشأ في السهول الأوراسية خلال العصور القديمة وتم تقديمه إلى شرق وشمال أوروبا في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. من قبل السكيثيين، إمبراطورية آسيا الوسطى شبه البدوية.
بينما وفقاً لفرانسوا باوتشر، أصبحت الصدرية شائعة في مناطق آسيا الوسطى وشمال أوروبا خلال العصور القديمة، لم يتم دمج الزي في خزانة ملابس المتوسط حتى وقت لاحق. وتأكيداً على ذلك، مر ما يقارب من ألف عام قبل أن يستحوذ البيزنطيون على القفطان الكبير المفتوح من الامام الذي كان يرتديه الجنود الفارسيون وصنعوا معطفاً جديداً بفتحة أمامية أصبح مالوفاً خلال القرن الثاني عشر الميلادي.
في الوقت نفسه، كانت الإمبراطوريات الإسلامية الموجودة مسبقاً، بما في ذلك الإمبراطورية العثمانية (1299-1922 / 23)، التي تأسست في منطقة المتوسط، تستمد الوحي من الأزياء الفارسية واستيراد الحرير الفارسي الفاخر لتطوير أشكالها الخاصة لسترة مفتوحة من الأمام.
وهكذا، عندما وسع العثمانيون إمبراطوريتهم البعيدة المدى إلى مناطق المغرب العربي خلال أوائل القرن السادس عشر، كانت مصر (1517) والجزائر أولى دول شمال إفريقيا التي خضعت للإمبراطورية العثمانية تليها ليبيا (1551) و تونس (1574)، حيث تم تبني المعاطف المطرزة من قبل الرجال والنساء الجزائريين على حد سواء وتشعبت تدريجياً إلى ملابس أكثر تميزاً بما في ذلك الغليلة و الـ(فرملة)، حيث تم دمج الأذواق والتقنيات والتصاميم المحلية.
وُجدت تقاليد التطريز الأكثر تفصيلاً في المدن الساحلية الجزائرية، حيث اجتمعت التجارة المتوسطية والتأثيرات لخلق مزيج متعدد الثقافات أصبح من سمات الملابس الحضرية في الجزائر وأصبح شائعاً بين جميع نساء الجزائر العاصمة. وبهذه الطريقة، تمثل السترة نقطة مشتركة بصرية وثقافية وعصرية بين نساء الجزائر العاصمة التي وحدتهن عبر الاختلافات العرقية والدينية.
وأشار هيدو إلى نسختين من الصدرية النسائية (غليلة): “المحتشمة”، التي تطورت من نموذج جزائري محلي للقرن الخامس عشر ، و “المتميزة” التي كانت أقرب إلى الملابس التركية. تميزت النسخة المحلية المحتشمة بخط رقبة أعلى ومستقيم، بينما تميزت النسخة المميزة المتأثرة بالعثمانية بخط العنق المنحني الأعمق الذي شوهد في أمثلة من القرن التاسع عشر. استخدم كلا النموذجين نظاماً من الأكمام القابلة للفصل التي سمحت بتعديل القطع حسب الطقس.
المراجع
- Haëdo, Diego de. Topografia e historia del Argel, Valladolid, 1612, French translation by Berbrugger and Monnereau, in Revue africaine, 1870-71. Reprinted by Jocelyne Dakhlia. Saint-Denis: Editions Bouchene, 1998.
- Leyla Belkaïd, Algéroises: histoire d’un costume méditerranéen (Aix-en-Provence: Edisud, 1998)
- François Boucher, Histoire du costume en Occident de l’Antiquité à nos jours (Paris: Flammarion, 1983)
- Snoap, Morgan, “Algerian Women’s Waistcoats – The Ghlila and Frimla: Readjusting the Lens on the Early French Colonial Era in Algeria (1830-1870)” (2020). Honors Program Theses.
- Pascal Pichault , The traditional Algerian costume, Maisonneuve and Larose,2007 (ISBN 2-7068-1991-X and 978-2-7068-1991-9, OCLC 190966236