Requests from referer
ملاحظة عن القطعة
أهدت ليندا سي ماكونيل ثوبيّ نشل بحرينيين جميلين ونادرين لمجموعة مُبادرة زَيّ، اقتنتهما بداية ثمانينيات القرن الماضي. أحدهما أحمر بتطريزات ذهبية كثيفة ذات أشكال هندسية (ZI2018.500703.2 BAHRAIN)، والآخر أسود تطريزاته جمعت بين الذهبي والفضي والتراكوزي بهيئة طاووس كبير (ZI2018.500703.1 BAHRAIN).
تاريخ القطعة
قادت الحياة ليندا الأمريكية الأصل للعيش في أبوظبي بعد زواجها من دبلوماسي إماراتي عام 1982، وبعد عامين بدأت رحلتها الأولى من واشنطن إلى بلاد الخليج العربي التي تنتشر فيها عائلة الزوج، وتحديداً في الإمارات والبحرين والسعودية. في أول زيارة لها إلى أبوظبي أقامت شقيقات الزوج لها حفل حنّاء (حنة)، وألبسنها (ثوب نشل) بحريني أخضر اللون مشغول بخيوط ذهبية، وآنذاك كانت عادة ارتداء ثوب أخضر في ليلة الحناء قد دخلت حديثاً طقوس الزفاف الإماراتية من الدول المجاورة.
في المكان الذي أقيمت فيه حفلة الحناء تمّ تزيين الجدار الذي كان خلف ليندا بقماش مماثل لقماش الثوب، وكما هي العادة فقد وضعت شقيقات الزوج الحناء على كفي وقدمي ليندا، بينما كانت الموسيقى الشعبية تعلو في المكان، والبهجة تغمر الحضور. تلك الليلة وذاك الاحتفاء جعلا ليندا تعشق من حولها وتعشق تراثهم.
أما الثُّوب الذي ارتدته وأذهلها حينذاك فقد كان مُستعاراً؛ وهو ما جعلها تطلب ممن حولها العثور على واحد مثله، وسرعان ما حققت لها هذه الرغبة والدة زوجها التي أهدتها ثوبي نشل طويلين جداً مناسبين لطول ليندا، لكن أحد الثوبين – وهو الأسود – كان طويلاً جداً، غير أن جمال تطريزه الذي يصل إلى حافته السفلية منعها من تقصيره، فبقي كما هو.
أما الثّوْب الآخر فهو أحمر اللون وكان طوله مناسباً أكثر لها، فارتدته مرتين وتحته ارتدت فستاناً أحمر اللون طويل كانت قد خاطته خصيصاً. ولأن ليندا بدت حينها شاحبة باللون الأحمر القاني والتطريزات الذهبية التي تشغل الثوب فقد وضعت أحمر شفاه، ما جعل صديقاتها يخبرنها أنها تبدو كنجمة سينمائية، أما هي فتعتقد أن أي امرأة سترتدي هذا الثوب ستكون كذلك.
ليندا كاتبة وروائية أمريكية مقيمة في أبوظبي، حصلت على بكالوريوس مع مرتبة الشرف وماجستير في الأدب الفرنسي من جامعة جورج واشنطن. عملت في تونس مدة ثلاث سنوات معلمة خاصة لابنة السفير الأمريكي، وبعد عودتها إلى واشنطن عملت لدى مكتب الشرق الأوسط للخدمات التعليمية والتدريبية (AMIDEAST)، ثم مديرة البرامج التعليمية في معهد الشرق الأوسط (MEI) والذي درست فيه اللغة العربية، كما درست البرامج غير الجامعية في جامعة جورج تاون وكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. في عام 1984، انتقلت مع زوجها الدبلوماسي الإماراتي إلى أبوظبي حيث أقامت هناك 37 سنة، ومهتمة بالكتابة عن الخليج. كما أنها جامعة حلي فضية من عمان واليمن والسعودية وشمال أفريقيا، وهو عمل نابع من حبها العميق وتقديرها للثقافة العربية ولثراثها الفني والمعماري الغني، ولأدبها وموسيقاها وثيابها وجواهرها.
ميزات القطعة
لباس علوي (ثوب نشل) بحريني أسود اللون تمت خياطته من حرير شيفون بالطريقة المعتادة في خياطة ثوب النشل التقليدي بشكل حرف (T)، مع تطريز كثيف بخيوط ذهبية وفضية (زري).
أشكال التطريزات الموجودة على الثوب غير مألوفة وإن كانت بحد ذاتها اعتيادية بالنسبة لمساحة التطريز في أثواب النشل. تم تطُريز الثوب بغرزة السلسلة البسيطة بخيوط الزري الذهبية والفضية، وبأشكال تجمع بين الزخارف الهندسية والنباتية والحيوانية المحلاة بالترتر الذهبي اللامع.
يشمل التطريز المنطقة الأمامية بشكل مستطيل، ابتداءاً من رأسي الكتفين وصولاً إلى ما قبل أسفل الثوب بقليل، حيث يوجد طاووسين متقابلين وذيل كل واحد منهما ممتد بشكل مثلث يصل إلى ما تحت القطعتين المثلثتين (باط) الموجودتين تحت الكمين.
فوق الطاووسين شكل كبير لذيل طاووس مكوّن من ريشات طولية. ويحيط بتطريز البدن كاملاً من كل جهة شكل يشبه الشريط وبه شكل وردة مكررة. كما يغطي التطريز درزات الثوب كلها من الأمام والخلف، والإبطين، ومحيطي فتحتي الكمين، والحافة السفلية، بالإضافة إلى وجود تطريزات متكررة لشكل المعين على كامل مساحة الثوب. وبخيط حرير تركوازي اللون تم إبراز محيط العنق ومحيط ذيل الطاووس الموجود في منتصف الثوب وجناحي الطاووسين السفليين.
عادة ما يتم ارتداء مثل هذا الثوب فوق السروال الداخلي (سروال) والقميص (دراعة)، في المنزل أو في المناسبات الخاصة والتجمعات الاجتماعية.
مزيد من التفاصيل
ثوب النشل هو زيّ شعبي تقليدي في منطقة الخليج العربي. عُرف بتصنيعه في البحرين منذ أربعينيات القرن الماضي، وقبل ذلك كان يُستورد من الهند حسب الطلب.
كان التجار يستوردون قماشه الحريري الشفاف المزين بخوص الفضة المذهبة (خوص زري) من غوجارات الهندية، وفي البحرين تتم خياطته وتطريزه، وسرعان ما اصبحت المواد الأفخم تستورد من أوروبا وبشكل أساسي من ألمانيا وفرنسا.
اسم الثوب هذا مقتبس من كلمة (منشل) أي القماش ذو الألوان الزاهية والمزين بكثافة الذي كان يُستخدم لتغطية الهودج (محمل) الذي تحمله الجمال وتنقله ضمن قوافل الحجيج إلى مكة في طريقها إلى (الحج). كما تم استخدام الهودج لنقل النساء على ظهر الجمال. وكان من المعتاد تغطية الهودج كخيمة بأجمل المنسوجات.
تاريخياً، كانت العروس ترتدي هذا الثوب في البحرين ومعظم منطقة الخليج العربي في ليلة الحناء أو زفافها.
يُخاط هذا الثوب بشكل حرف (T)، فيقصّ القماش بهيئة مقاطع طوليّة وعرضيّة، وتكون فتحة العنق دائرية أو مثلثة أو مربعة الشكل وذات شق أمامي يصل إلى منتصف أو نهاية منطقة الصدر، وتضاف على طول هذا الشق في بعض الاحيان أزرار كروية مصنوعة من الزري وتُفتح لها عُرى لإغلاق الشق.
خطوط العنق الكبيرة بيضاوية الشكل، سواء كانت سادة أو مزخرفة، هي سمة من سمات الملابس العلوية (أثواب) في الفترة بين أوائل العشرينات والستينات في العراق والكويت، وكذلك كان يرتديها البدو في بلاد الشام والفلاحون المصريون. وتعرف الملابس العلوية البحرينية (أثواب) من خلال خط العنق المستدير مع فتحة في الوسط والتي سرعان ما أصبحت مستوردة على نطاق واسع من قبل معظم دول الخليج العربي منذ أوائل الثمانينيات. بينما في الإمارات العربية المتحدة، تتميز الملابس العلوية بفتحة عنق مربعة الشكل.
تتم عملية التطريز قبل قص فتحة العنق لدعم عملية التطريز ولإثبات أن الثوب جديد. من المهم ملاحظة هذه النقطة لأنه في كثير من الأحيان يتم إعادة استخدام أو تدوير التطريز بشكل شائع.
يعتبر محمد صالح أحمد زري أحد أقدم خياطي ثوب النشل في البحرين وأشهرهم، امتداد لصالح زري ومحمد عبد القادر زَري. وكانوا بعد خياطة الثوب وتطريزه بخيوط الزرِي يدوياً يطرقون التطريزات التي يبتكرونها إلى أن تصبح مصقولة وناعمة ولامعة.
لاحقاً تطورت خياطة الثوب الذي أصبح يُخاط ويطرّز آلياً من عدة ألوان من حرير شيفون طبيعي أو صناعي. علاوة على ذلك، تم استخدام الخيط المعدني (زري) بدلاً من المطلي بالفضة أو الذهب، مما جعله في متناول الجميع.