تاريخ القطعة
اشترت د. ريم طارق المتولي هذا الزي من السيدة مريم سلطان – أم راشد – التي كانت تعمل في الاتحاد النسائي في أبو ظبي، وخاطت الزي لعرضه في معرض حرف أقيم عام 1970، وظلت محتفظة به للذكرى منذ ذلك الوقت.
كانت مريم سلطان في أواخر الخمسينيات من عمرها عندما التقتها د. ريم. وهي لم تحظ بفرصة التعليم النظامي، لكنها درست عند (المطوعة) القرآن الذي حفظته عن ظهر قلب كما كان الحال بالنسبة لقريناتها. تزوجت مريم من ابن عمها وهي في سن الـ14، وأنجبت 5 بنات و5 أبناء. كانت موهوبة للغاية في الحرف اليدوية، وسرعان ما انخرطت بالمشاركة في المعارض لعرض أعمالها وبيعها.
ميزات القطعة
مثل الكثير من الألبسة العلوية (أثواب) تمت خياطة هذا الثوب من حرير شيفون صيني يُعرف محلياً باسم (بو_طيرة) الذي يسمح بشفّ القميص (كندورة) من تحته. وهو قماش مطلوب كثيراً من قبل السيدات الإماراتيات، وكان يأتي ثانياً بعد قماش (بو_تيلة) كونه من الأنسجة المثالية المحلية آنذاك.
أما قماش بو_طيرة المصنوع من حرير ساتان الصقيل والسميك فمنه تُخاط الكندورة أو الجزء المرئي من اللباس الداخلي (الصروال).
استخدمت في خياطة هذا الثوب أربعة ألوان من قماش بو_طيرة. فخُصص اللون البنفسجي للمقطع المركزي الأمامي (بدحة)، تحده عرضياً ثمانية مقاطع بألوان البرتقالي، الأبيض، الأخضر، والبنفسجي، مشكِّلة تلك المقاطع الكمين أو ما يُعرف محلياً باسم (جنان).
تقليدياً، تمثل هذه المقاطع نوعاً من التوفير وإعادة تدوير الأقمشة. فكانت تُخاط تلك الأنواع من الأثواب من بقايا الأقمشة غالية الثمن. بمرور الوقت أصبح هذا الأسلوب موضة بحد ذاتها، وصار يُطلق عليه (ميزع).
من الواضح أن خياطة هذا الثوب بدائية لعدة أسباب، فقياس المقطعين الأوسطين غير متناسق ولا متطابق، وكذلك الأمر بالنسبة لقياسات المقاطع الجانبية، وهو ما يتضح من خلال التطريزات التي جاءت رأسية في بعض المقاطع، وفي مقاطع أخرى تم قلبها رأساً على عقب.
طُرزت الورود على محيط خط العنق (حلج) والمحور المركزي (بدحة) آلياً (خوار_زري) بشرائط معدنية فضية وذهبية (خوص)، فيما توزّعت الورود المطرزة بخيوط حرير (بريسم) وبألوان متعددة من بينها الأخضر والفوشيا والزهري والبني والأبيض على بقية مساحة الثوب وبدون تناسق، وهو ما يعكس بساطة وبدائية التصميم آنذاك. لكن في مرحلة لاحقة تم استيراد مثل تلك التطريزات كقطع منفصلة ثم تُثبت على القماش.
هذا الثوب يعكس الاتجاهات السائدة في الخياطة خلال ستينيات القرن الماضي والتي استمرت حتى الثمانينيات. والمعروف أن المجتمع الإماراتي عندما كان صغيراً كانت محال الأقمشة فيه قليلة العدد، وتعرض أنواعاً محدودة من الخامات وحسب الطلب، كما كان عدد الخياطين قليلاً، وهم حصراً إما من الهند أو من باكستان، وكانت إمكاناتهم على صعيد الخياطة محدودة، ولا شك أن كل ذلك أسهم بتكرار استخدام نوعيات محددة من الأقمشة والتصاميم أيضاً، كما خلق أنماطاً متطابقة من الأثواب التي كانت ترتديها النسوة في المنطقة، وهو ما يمكن ملاحظته في الصور الفوتوغرافية القديمة التي تمثل ذلك الزمن.