الْبُرْقُع/البُرْگُع: اسم

الْبُرْقُع/الْبُرْگُع: حِجاب ونِقاب وقِناع، والجمع :بَراقِع/ بَرَاگِع، أحجبة، نُقُب، أقنعة

بَرقَعَتْ/بَرْگَعَت المرأة وجهها: غطّته بالْبُرْقُع/البُرْگُع، وتمّ حجب الوجه بعدة أشكال من بينها: البَطُّولة واليَشْمَك واللِثام.

مقدمة

لا يزال الْبُرْقُع أو الْبُرْگُع (في الّلجهة البدوية عموماً تقلب القاف كافاً أعجميّة، وتُلفظ كما تلفظ الجيم المصريّة) على اختلاف أشكاله وأحجامه وألوانه وتزييناته، أو الحجاب بالمفهوم الأشمل؛ حاضراً لدى نساء بعض الشّعوب كونه يشكّل جزءاً لا يتجزأ من كمال لباسهنّ. وتعود أقدم إشارة موثّقة عن الأغطية أو الأحجبة إلى الفترة الآشوريّة الوسيطة (1400- 1100ق.م). فكانت مفروضةً على نساء النّخبة من الحرائر المتزوّجات دون سواهنّ، واستمرّ هذا الحال لدى الإغريقيّات والفارسيّات للدّلالة على مكانتهنّ العالية في المجتمع، ولاحقاً التزمت به اليهوديّات والمسيحيّات ثمّ المسلمات من ناحية دينيّة. حيث أنّ النّسوة المتحدّرات من سلالة النّبيّ (ص) كنّ يضعن أغطية خضراء على وجوههن، وقد زُيِّن خطّ الأنف فيها أحياناً بالّلؤلو أو بالقطع الذّهبيّة، فيما كانت أغطية الوجه في مكّة وجدّة بيضاء أو حمراء، أما الأرستقراطيّات العثمانيّات فوضعن (اليَشْمَك) الحريريّ الشفّاف، وفي مصر استخدمت نساء النّبلاء والطّبقة المتوسّطة يَشْمَك الموسلين الأبيض، والأقلّ منهنّ مرتبةً وضعن أغطية وجهٍ من قماش الكريب الخفيف. ولا شكّ أنّ التّفاعل الثّقافيّ بين الشّعوب، إضافةً إلى الهجرات البشريّة؛ ساهمت في انتقال هذا النّوع من الأغطية من مكانٍ إلى آخر، وانقسامه إلى نوعين: حضريّ وبدويّ.

وضعت المرأة الإماراتيّة البدويّة والحضريّة الْبُرْقُع منذ زمنٍ، لكن لا أحد يعرف بالضّبط متى كان ذلك، فشحّ المصادر الموثّقة لم يُحسم أمر مصدر الْبُرْقُع في الإمارات، ولا تاريخ ارتدائه حتّى اليوم، فقيل إنّه من جنوب بلاد فارس، أو من مكران في بلوشستان، وقيل جاء من غوجارات في الهند، والبعض قال إنّه من زنجبار، وعموماً يمكننا ملاحظة ملامح كل تلك التأثيرات في هذا الْبُرْقُع الذي بقي إلى السّبعينيّات جزءاً أساسياً من لباس الإماراتيّة.

تاريخيّاً ارتبط الْبُرْقُع بقوّة المرأة وشهامتها، ورُوي أنّ المرأة الشّهمة إذا لجأ أحدٌ إليها في أمرٍ أو حاجةٍ؛ مسحت على بُرْقُعها للدّلالة على أنّها لن تخيّب ظنّه.

كانت الفتاة الإماراتيّة وبعد ظهور أولى علامات بلوغها وبمجرّد زواجها تضعه في المنزل أو في الأماكن العامّة والمناسبات المختلطة. لكن مع بدء التّعليم النّظاميّ أصبح وضعه أقلّ، بينما استمرّت السّيّدات المتقدّمات في السّنّ بوضعه نظراً لرمزيّته ودلالته الاجتماعيّة. وكانت النّسوة أثناء تناولهن طعامهنّ أو شرابهنّ يرفعن بَرَاقِعهن قليلاً باستخدام الإبهام الأيسر. وزيادةً في الاحتشام لجأت بعض النّسوة إلى جسف (ثني) بَرَاقعهنّ من ناحية الخدّ، وذلك عند شربهن القهوة مثلاً، فكنّ يثنينها من الجانب فقط، ولا يرفعنها أبداً.

أمّا إذا أردن خلعه فهنّ لا يفعلن ذلك إلّا وقت الصّلاة، وعند النّوم، فكلّ امرأة تضعه في گُوطي/قُوْطي، وهو صندوق صغير من المعدن أو الخشب

وقديماً كانت كلُّ امرأة إماراتيّة تصنع بُرْقُعها بيديها، وهي عمليّة تُسمّى گَرْظ/قًرْض، وبالعربيّة الفصحى: التّقطيع. والگَرْظ: حرفة تقليديّة يدويّة، تعتمد على مواد وأدوات بسيطة. وخياطة بُرْقُعٍ واحد تستهلك حوالي ساعة. وعادة

خامات الْبُرْقُع

لقماش الْبُرْقُع عدة أنواعٍ، ولكل نوع لون ودرجة لمعان، وعادةً تأتي هذه الأنواع بشكل لفافات، كلّ لفافة تكفي لصناعة عشرين بُرْقُعاً، لكن أكثر الأقمشة تداولاً كانت

خِلگة (خِرْقَة) سرگ ورگ (سرَقَ ورقَ): لونها يميل إلى الأخضرلشدّة لمعانه

خِلگة (خِرْقَة) برشوت: ليس لها لمعة، ولونها يمثل إلى الأحمر الدّاكن

خِلگة (خِرْقَة) نيل: مصبوغةٌ بالنّيل والّذي يُخضِّيب الوجه بمادة النّيل المطرّية

طريقة التّفصيل

بعد قصّ البُرْقُع تصبغه المرأة بالنّيل لتتدرج ألوانه بين الذّهبيّ والنّحاسيّ، وأغلى البَرَاقِع ثمناً تلك التي تكون ألوانها بنفسجيّة مُزرقّة، أو مُحمرّة، تليها في القيمة والجودة الصّفراء الذّهبيّة، وأقل البَرَاقِع قيمة تلك التي تكون ألوانها مائلة إلى اللون الأخضر. وفي صندوق يُدعى أشبيدان كانت المرأة تحتفظ بأدوات خياطة البُرْقُع، أي المقص، والإبرة والخيوط، وأداتيّ الصّقل والتّلميع، أي المِصْگلَة (المصقلة): وهي الصّدفة ذات السّطح النّاعم جداً، والْمُلَمِّعة: أي الكرة الملساء.

أجزاء الْبُرْقُع

اليَبهَة (الجبهة): شريط أفقيٌّ يزداد عرضه كلّما زاد عمر السّيّدة، وهو يغطّي الجبين ويُزم بغزرة الشّلالة، ويعتمد عرضه على حسب ذوق مرتديته، فإن أرادته رفيعاً طلبت أن يوصم (يُشدّ). وفي الماضي كانت توضع خلف اليَبٍهة قماشة تُدعى الزِّيْج مهمّتها حماية الجبين من صبغة النّيلة.

السَّيف: عود ناعم مصنوع من عذق أو جريد النخيل، تُصقل وتُدخل في منتصف البُرْقُع، لتستقرّ على خطّ الأنف، فيحقق التّناظر والتّوزان له، وكلّما زاد سنّ المرأة زاد عرض السّيف، والطّريف في الأمر أن النّساء استخدمن في السّبعينيّات عود الآيس كريم، قبل أن يصبح من البلاستيك.

الْگرْظَة (القرضة)/خَّرة العين (فتحة العين): مهمّتها إبراز ملامح عينا المرأة حسب مقاييس وجهها ورغبتها، والْگرْظَة عادةً تكون ضيقة في بُرْقُع/بُرْگُع السّيّدة المسنّة، واسعة في بُرْقُع/بُرْگُع الشّابّة.

الشّلعة- گرظة العين: تساهم في تصلّب الْبُرْقُع، وتتّسع عند طرف السّيف نحو الأعلى بما يسمح برؤية منطقة ما بين الحاجبين

الدمعة – گرظة العين: تتّسعت نحو الأسفل في الزاوية المناظرة للشلّعة من الأعلى أو الأسفل، أي من الصّدغ وحتّى الخدّ

السّاطر/السّطرات (مساطر)، أو الْجَسْفَة (الكسفة)، أو الخَدّ: وهي القطعة التي تغطّي الخدّ، وتكون عريضةً أو رفيعةً حسب ذوق السّيّدة. حيث يتمّ طيّ ولفّ طرفيّ الْبُرْقُع عند الجانبين، ثم يُخاط ويُدخل فيه عود دقيق مصقول، وذلك حفاظاً على شكل الْبُرْقُع وشدّه نحو الخلف

الخَرّة – الانحناءة: تمتدّ من الصّدغ إلى طرف السّيف، مروراً بأسفل فتحة العين، ويُطلق عليها البعض نكسة السّيف، وهي معقوفة تشبه المنقار

البطانة: قماش قطنيّ يدعم الْبُرْقُع من الدّاخل، تمتصّ عرق الوجه، وتمنع انصباغ البشرة بمادة النّيلة. ومنذ السّبعينيات درج استخدام لصق الْبَرَاقِع، وهو لاصق مقوّى بات يباع في السّوق، ثم استحدث شريط(masking tape) ، وأخيراً درجت الّلصاقة الشّفافة

الشُّبُوْچ/الشُّبُوْك: أصل المفردة في المعجم (شِبَم)، والمثنّى (شِبَامان)، أو الگيطان (الخيطان): هما الخيطان المثبّتان عند طرفيّ الْبُرْقُع، تشدّهما المرأة خلف رأسها لتثبّت برقعها على وجهها، والخيط الأيمن أطول من الأيسر الّذي يُدعى (بناو)، وعادةً تترك الگيطان متدليّة تحت الشّيلة، أي غطاء الرّأس. تُصنع الگيطان من عدّة خامات، أي أنّها تلإتل من شعر الماعز، أو من صوف الغنم، أو خيوط القطن والإبريسم (الحرير، أو من الزّري (الشرائط المعدنيّة الذّهبيّة). والگيطان الملوّنة توجد في بُرْقُع/بُرْگُع العروس أو الشّابّة، في حين تفضّل المرأة المسنّة الخيوط القطنيّة الحمراء

مسمّيات الْبَرَاقِع

عرفت النّساء في الإمارات نوعاً واحد فقط للبُرْقُع، فلم تكن هناك عدّة أنواع لا في الماضي ولا في الحاضر، والذي ساد في جميع المناطق هو العريض، والّذي أصبح يُطلق عليه لاحقاً اسم بُرْقُع ياسي نسبة إلى قبيلة بني ياس، كما عُرِف أيضاً باسم بُرْقُع/بُرْگُع بوظبي، أو گرظة بوظبي، نسبة إلى إمارة أبوظبي

وبناء عليه لم تكن توجد في الماضي أي اختلافات واضحة بين الْبَراقِع الإماراتيّة، لكن في نهاية السّتينيّات وبداية السّبعينيّات، وبسبب الانفتاح الّذي بدأت تشهده الإمارات آنذاك؛ ظهرت أشكال الگرظات/القصّات الخاصّة بفتحتيّ العينين، وبطول أو بطريقة قصّ القطعة التي تغطّي الفم والخدّ. والمرأة تضع الْبُرْقُع الّذي تريد حسب رغبتها وذوقها، وبما يتناسب مع عمرها ووضعها الاجتماعي

أسماء البَرَاقِع

بالرّغم من وجود نوع واحد فقط للْبُرْقُع الإماراتيّ؛ إلّا أن تعدّد الأسماء جاء حسب مكان استخدامه، وشكل فتحتيي العينين فيه وقصّة الخدّ، والطّول، بالإضافة إلى الزّينة الموجودة عليه

البُرْقُع حسب مكان الارتداء

بُرْقُع السّوق: يخفي معظم ملامح الوجه لستر أكبر مساحة منه، ولوقايته من عوامل الطّبيعة

بُرْقُع البيت: بسيط الشّكل يتناسب مع الاستخدام اليوميّ.

بُرْقُع المناسبات: تضعه المرأة في الأعراس وخلال الزّيارات، وهو يبرز معظم ملامح الوجه نظراً لاتّساع فتحاته

البُرْقُع حسب الزّينة 

برْقُع رِئاسي/رِيَاسيّ، بُرْقُع/بُرْگُع بُونْجوم ومْشَاخِص: اقتصر اقتناء هذا البُرْقُع على المرأة الّتي تنتمي إلى الأسرة الحاكمة أو إلى طبقة التّجار، وسُميّ بُرْقُع بُوْنْجُوْم ومْشَاخِص لأنّ خطّ الحاجب مزيّن بقطعٍ ذهبٍ دائريّة ذات نتوءات تُدعى نْجُوْم، وتحتها مْشَاخِص أو نِيْرَات (ليرات ذهبيّة)، وأحياناً يزيّن بالنّْجُوْم فقط، أو بالنِّيْرات الّتي كانت تُسمّى حْرُوْفاً نظراً لاحتوائها على كتابة. وكان هذا البُرْقُع يُحلّى بالحْلاگ (الْحَلَق) والشُّبُوچ والگْلاليب، وهي قطع ذهبيّة تضاف على يَبهَة (جبهة) البُرْقُع وإلى جانبيه العلويّين قبل شبك الگيْطَان/الخيطان به. ونظراً لقيمة هذا البُرْقُع؛ كانت بعض السّيّدات ممّن يقتنينه يُعرنه للعرائس ليضعنه خلال الأيّام الأولى بعد زواجهنّ

البُرْقُع حسب اتّساع گَرْظَة العين

گَرْظ شارجي: نسبة إلى الشّارقة

گَرْظ گيواني: (نسبة إلى إمارة أم القيوين): شكله قريب من شكل المْيَاني متوسّط الطّول

گرظ زعبيل: (نسبة إلى منطقة زعبيل في دبي): أو لفّة زعبيل أو بولفّة  أو بوخرّة، وقد ارتدته الشّيخة شيخة بنت سعيد والشّيخة صنعاء بنت مانع، والشّيخة موزة بنت سعيد، وبنات حمد بوقفل

گرظ عيناوي: (نسبة إلى مدينة العين): يتميّز هذا البُرْقُع بدقّة اليَبْهَة (الجبهة) واتّساع فتحة العين، وعُرف أيضاً يبُرْقُع بُوْيَبْهَة، أو بُوْدَمْعَة، بُوْعْيُوْن، نَظَّارة، بُوْشَنَب. نسبة لشكل فتحة العين

البُرْقُع الطّويل ذو الفتحة الضّيّقة للعين

برْقُع بُوْمْجِيْلة (أبو مُقَيْلَة/ أبو مُقْلَة) أو ضَيِّج (ضَيِّق): فيغطّي معظم الوجه من منبت الشّعر حتّى أسفل الذّقن، فلا تظهر منه إلّا العينان فقط، وتضعه الفتاة حين تبلغ سنّ التاسعة أو العاشرة، ولا تنزعه إلا عند زواجها لاستبداله بآخر يُدعى مْقَطّف لامع خاصّ بالمتزوّجات. كما تضعه المرأة الّتي تلتزم العدّة بسبب وفاة زوجها أو انفصالها عنه، وتلك الّتي سافر زوجها. فتعمد المرأة في هذه الأحوال إلى عدم ارتداء بُرْقُع جديد. ولإخفاء الّلمعة من بُرْقُعها الّي تملكه فإنّها تدهنه بالزّبد أو بزيت النّارجيل

البُرْقُع القصير

بُرْقُع مْقَطَّف: تضعه المرأة الشّابّة، وهو قصير من الأسفل يكشف مساحة كبيرة من الوجه، فيظهر الفم والخدّ

بُرْقُع مَيَاني: (مفردة فارسيّة تعني  الوسط): وهو بُرْقُع متوسّط الطّول، وگَرْظَة العين (فتحة) فيه متوسّطة الاتّساع

تستخدم المرأة لخياطته قماش الكتّان الأسود أو القماش البنيّ الشّبيه بالجلد، والخيوط